Haut

اربعنية المناضل الدكتور سليمان بن سليمان

01/01/1970 Article en PDF téléchargeable


فقدت الحركة الوطنية والديمقراطية والتقدمية في أواخر فيفري الماضي- وجريدتنا ممنوعة من الصدور- رمزا من أقدم واثبت رموزها وفقد الحزب الشيوعي التونسي حليفا من أوفر حلفائه تعاون معه وعمل في شتى الميادين السنوات الطوال. فقد توفي الدكتور سليمان بن سليمان ويشيع جثمانه الطاهر أصدقاؤه ومحبوه وعدد كبير من المناضلين الشيوخ والشبان... وتغافل عنه الرسميون ووسائل أعلامهم.


اربعنية المناضل الدكتور سليمان بن سليمان

 

 

فقدت الحركة الوطنية والديمقراطية والتقدمية في أواخر فيفري الماضي- وجريدتنا ممنوعة من الصدور- رمزا من أقدم واثبت رموزها وفقد الحزب الشيوعي التونسي حليفا من أوفر حلفائه تعاون معه وعمل في شتى الميادين السنوات الطوال. فقد توفي الدكتور سليمان بن سليمان ويشيع جثمانه الطاهر أصدقاؤه ومحبوه وعدد كبير من المناضلين الشيوخ والشبان... وتغافل عنه الرسميون ووسائل أعلامهم.

 

فالكل يعرف رغم قلة الإعلام وأحاديته ورغم تناسي بعض الحقائق التاريخية أن الدكتور سليمان بن سليمان كان المناضل الوطني الصلب والمتجذر الذي شهر عنه انه منحاز كليا وهو العضو بالديوان السياسي للحزب الحر الدستوري إلى العمل الجماهيري المباشر والى المواجهة السخنة مع الاستعمار مما أدى به إلى السجون وخاصة فورسان نيكولا بفرنسا حيث قضى خمس سنوات أصيب فيها بمرض لازمه طويلا وأنهك صحته...

 

ولكن ربما كلنا لا يعرف أن الدكتور سليمان بن سليمان كان يحمل أراء متقدمة رائدة فكان يفهم فهما دقيقا وصائبا حقيقة الاستعمار لا في معناه الضيق المباشر ولكن في بعده الامبرالي. فكان ينادي ويعمل على ربط كفاحنا التحريري بالكفاح ضد الامبريالية وبالتحالف مع قوى التحرر والتقدم وبخاصة البلدان الاشتراكية وبقضية السلم العالمية. وقد كان يفهم فهما دقيقا وصائبا أهمية التحالف بل وجوبه بين الفصائل السياسية المختلفة. وقد بقى وفيا لهذه الآراء ومخلصا لها وتحمل في سبيلها الكثير وضحى من اجلها بالكثير، هو الذي كان بإمكانه أن يتبوأ أعلى المناصب الرسمية وينعم بأوسع الامتيازات.

 

فقد بقى رئيسا للجنة التونسية للحرية والسلم وأصبح من الأنصار العالميين لحركة السلم التي شارك مشاركة فعالة في الكثير من مؤتمراتها ومهرجاناتها. وكان دوما يربط ذلك بالكفاح من اجل الاستقلال ومن اجل الحرية. وقد جر له ذلك الفصل عن حزبه، ذلك الفصل الذي لم يقبله يوما.

وبادر فيما بعد مع حزبنا الشيوعي بإصدار جريدة " تريبون دي بروقري" منبر التقدم. فكانت التجربة الطريفة التي جمعت في العمل المشترك بين الشيوعيين والتقدميين وكانت الجريدة المناضلة في مسؤولية ورصانة والمعروفة بالنقد النزيه والاقتراحات الانشائية. ودام ذلك حتى تعطيل الجريدة يوم وقع تحجير نشاط الحزب الشيوعي. وتحمل الراحل الكريم من صبر وترفع أيضا ولكن في إرهاق كبير المضايقات والاستنطاقات لدى حاكم التحقيق. 

 

وفي مجال العمل الرائد للوقوف في وجه الامبريالية ولمناصرة حركات الشعوب التحريرية بادر بتأليف لجنة للتضامن مع الشعب الفياتنامي جمعت أيضا الشيوعيين والتقدميين والديمقراطيين، وطالب لها الترخيص القانوني الذي طبعا لم يحصل بل ما حصل هو المضايقات من جديد والاستنطاقات والفصل عن المستشفى الذي كان يعمل به.

كما شارك، وفي نفس الاهتمامات وهو الشيخ الوقور، في مظاهرة رمزية ومع شباب متحمسين احتجاجا على مقتل الزعيم الإفريقي باتريس لومبيا على يد الامبريالية الغادرة.

 

هذه بعض من المواقف والأعمال والمبادرات التي كانت في الظروف المعروفة أذاك تتصف لا فقط بالإيمان الصادق في قضايا الديمقراطية والتقدم والسلم، ولكن تتصف أيضا بالجرأة والشجاعة وبعد النظر. ما كان يدعو إليه الدكتور سليمان بن سليمان ويعمل من اجله لصبح فيما بعد قناعة لفئات واسعة ولحركات سياسية وفكرية وحتى شخصيات وطنية عديدة.